كيف نجحت تجربتي مع العمل من المنزل ؟

 العمل من المنزل أضحى واقعًا مألوفًا في الأونةِ الأخيرة، فحتى قبل فرض هذا الواقع على العديد منّا خلال أزمة فيروس الكورونا، ظهرت جليًا على الساحة فكرة "العمل من المنزل" لأسباب مُختلفة ولأغراض مُتنوّعة، وليس ذلك يبدو غريبًا، فتحوّل العديد من الأعمال من أرض الواقع إلى الواقع الافتراضي فرض أمورًا لم تكن في الحُسبان من قبل، خاصًة وأن فكرة العمل في المنزل مُناسبة للعديد من رغبات الناس ولا سيّما النساء اللاتي يُردن تحقيق الموازنة بين العمل والمنزل أو الحياة الشخصية بشكل عام.

لذا اخترت في هذا المقال أن أتحدث من واقع تجربتي الشخصية التي بدأت منذ العام 2017 والتي كانت برغبتي الشخصية الكاملة والتي ومازالت قائمة حتى اللحظة بنجاح وتوفيق من الله سبحانه وتعالى، سأقوم بسرد القصة كاملة مع أهم النصائح والأمور التي اعتقد أنها كانت سببًا - بعد توفيق الله - في إنجاح هذه التجربة.

 

 البداية:

للمرة الثانية انتوّيت أن أُغيّر مساري الوظيفي، بعدما فعلت قبل ذلك بعامين، فقررت أن أدخل مجال "التدريس" بعد تجربة كانت ليست مُرضية بالقدر الكافي بالنسبةِ لي في مجال "الإدارة"، أما في هذه اللحظة خلال عام 2017 قررت وبقرار حاسم أن أُنهي مساري الوظيفي كمُدرسّة بعدما شعُرت بأنني في المكان الخطأ. 

كان الأمر مُربكًا بعض الشئ، ولكن بتوفيق الله ومُساعدة أشخاصًا أثق بهم، وقع الاختيار على مجال الكتابة، وجاء هذا القرار في الواقع بعد قرار أكثر حسمًا وصعوبة وهو "العمل من المنزل"، نعم كان ذلك القرار الذي اتخذته بعد الكثير من التفكير والارتباك، ولكنني رُبما ارتأيت أن نمط هذا العمل هو الأنسب لي في الوقت الحالي، خاصةً بعد سعيّي الدائم في تحقيق التوازن بين العمل وتخصيص وقت كافي لمُمارسة هواياتي وقضاء وقتًا في عمل ما أُحب، كُل ذلك في إطار مُحاولاتي لإرضاء شخصيتي مُتعددة الامكانيات

وبعد فترةً من البحث وقع الاختيار على أكثر ما أُحب فعله وهو "الكتابة"، على الرغم من ارتباكي بعض الشئ بسبب عدم رغبتي في خلط الكتابة الإبداعية التي أعشقها وأُمارسها منذ سنين، بالكتابة التي هي مصدر لأكل العيش، الفكرة التي سُرعان ما تلاشت وتأكدت أن ذلك هو مجالي الذي كان يجب عليّ التفكير فيه مُنذ سنوات. 

 وفي أُغسطس من العام 2017 بدأت أول عمل لي في الكتابة كعمل حُر، ثم توالى الأمر شيئًا فشيئًا حتى أصبحت أعمل عملًا دائمًا من المنزل، وتنقلّت في أكثر من موقع مُتخصص في أكثر من مجال، وبرُتبات مُتنوّعة.

 وبعد مرور 4 سنوات هي المُدة التي قضيتها في العمل من المنزل حتى أصبح جزءًا ممّا أنا عليه، أستطيع الآن أن أسرُد التجربة كاملة وأن أُعطيكم نبذة عمّا قُمت به من أجل إنجاح التجربة، إليكم أهم النقاط والنصائح التي أنصح بها من يُفكّر في خوض التجربة.


1- التهيئة:

إذا سألتني كيف أبدأ عمل من المنزل رُبما سيكون إجابتي المُباشرة هي: "هيئ عقلك". تهيئة العقل هي أهم وأول ما يُمكنك القيام به إذا انتوّيت العمل من المنزل، الأمر ليس لا يبدو اعتياديًا في البداية، رُبما ستمُر بمرحلة من الارتباك والتشتت حتى تستجمع شتات أمرك وتبدأ في الفصل بين العمل وحياتك الاجتماعية تحت سقف البيت. فقط ثق بالتجربة وباختيارك، وخُض هذه الفترة التي ستمُر سريعًا إذا التزمت بالقيام بالخطوات التالية.
 

2- تحديد ساعات للعمل: 

من الأخطاء الشائعة التي يقع فيها العديد من الأشخاص مع بداية عملهم من المنزل هي عدم تحديد ساعات مُعيّنة للعمل، وغالبًا ما ينتهي الأمر بهم إلى العمل لساعات طويلة جدًا - مُتقطعة بالطبع - ما يجعل الشعور بالضغط والعبئ يزداد يومًا بعد يوم، كما يودي الأمر بالشخص إلى الشعور بفشل التجربة، والحل بسيط! فقط قُم بتحديد ساعات مُعينة للعمل ولتكن 7 ساعات يوميًا - في حال لم يتم تحديد ساعات عمل لك من قِبل رب العمل - كما يتم تحديد أي ساعات بالضبط ستسلتزم بالعمل بها، ولتكن على سبيل المثال من الساعة الثامنة صباحًا وحتى الساعة الرابعة مساءً، وهكذا..

كل ما عليك فعله هو تعويد نفسك على الالتزام بهذه الساعات يوميًا، وسينجح الأمر لا محالة بالالتزام والإصرار.


3- البُعد عن المُشتتات

 من ضِمن أهم المُشكلات التي يمر بها العديد من الأشخاص عند بداية عملهم من المنزل هو المُشتتات العديدة التي قد تُعيق التركيز، لابُد من المُحاولة الدائمة للبُعد عن المُشتتات وخلق بيئة مُناسبة للعمل تكون مبنيّة على التركيز واحترام العمل أيًا ما كان نوعه، وتذكّر أنه كُلّما احترمت العمل وأعطيته كُلّما سيُعطيك ما لم تكن تتوّقع.

ستظهر المُشتتات تباعًا، ما يجب عليك فعله هو التعامل معها وحلّها مُنذ البداية، ولكن بشكل عام أنصحك باستخدام التطبيقات الخاصة بحجب الإشعارات التي تصدُر من الهاتف المحمول كونه يُعد من أكبر المُشتتات ولا سيّما في المنزل.



4- تخصيص مكان مُناسب للعمل

 من النصائح الذهبية التي قُمت بتجربتها عمليًا واختبرت جيّدًا الفرق بين الحالتين هي تخصيص مكان مُناسب للعمل.

فلن تُعزز شعور الالتزام، الاستقلالية، والإنجاز إلّا من خلال تخصيص مكان خاص بالعمل عوضًا عن الجلوس على الأريكة أو طاولة الطعام التي من شأنها أن تُشعرك بعدم الراحة، كما أن فُرصة تعرُضك للمُشتتات ستكون أعلى.

لن يحتاج الأمر إلى أكثر من مكتب صغير، ركن هادئ وإضاءة كافية، لا داعي لكثرة الأدوات ولا للمكاتب الفاخرة، عليك فقط اقتناء ما أنت بحاجة إليه بشكل حقيقي، ولذلك يُمكنك البدء فقط بمكتب صغير وتباعًا ستتمكن من معرفة باقي الأدوات التي أنت بحاجة إليها.

 

5- استيقظ مُبكرًا! 

 قد يبدو ذلك غير مُتعلق بالأمر، ولكنها تبقى أهم نصيحة يُمكن أن أُلقيها على المُقبلين على العمل من المنزل، فالاستيقاظ مُبكرًا أخذ تجربتي مع العمل من المنزل لمرحلةٍ أُخرى تمامًا. 

دعني أُعدد لك فوائد الاستيقاظ مُبكرًا:
  •  تركيز أفضل بفضل ساعات الصباح الهادئة.
  •  يُساعد على توازن اليوم بشكل أفضل، حيث أن الاستيقاظ مُبكرًا يعني الانتهاء من العمل مُبكرًا وبذلك فُرصة للقيام بأنشطة أُخرى.
  •  إنجاز مهام العمل بشكل أسرع، وبالتالي التزام أعلى.
  • استيقاظك مُتأخرًا سيجعلك أكثر تكاسلًا، وأكثر ميلًا إلى تأجيل مهام العمل.
والقائمة تطول.
 


 6- ضع حدودك وحدود الآخرين!

تجربة العمل من المنزل تُعتبر جديدة إلى حد كبير، ولذلك فإنه من الطبيعي ألّا يتفهم البعض الفكرة في البداية، خاصةً الأشخاص الذين تعيش معهم في بيت واحد أو الأصدقاء والأقارب.

فلا تتعجب أبدًا إذا وجدت ذاك الصديق يطلب منك مُقابلته في الصباح الباكر يوم الثُلاثاء، أو أن يطلُب منك إحدى والديك القيام بمُهمة خارج المنزل يوم الأحد صباحًا! ستشعر بالتأذي رُبما في البداية، ولكن عليك تفهّم ذلك أولًا، ثم وضع حدودك منذُ البداية ثانيًا.

رُبما ستحتاج إخبار عائلتك وأصدقائك بمواعيد عملك التي حددتها لنفسك، المهم أن تضع حدود منذ البداية، وتذكّر دائمًا أن الصورة التي تضعها عن نفسك يلتزم بها المُحيطين عاجلًا أو آجلًا.

 

7- تنظيم الوقت 

على قدر ما تُعطيك تجربة العمل من المنزل عدد من الامتيازات والإيجابيات، إلّا أنها تُلقي على عاتقك بعض المهام الإضافية التي عادةً لا توجد في أماكن العمل الاعتيادية. 

من ضِمن أهم تلك المهام هي مهمة تنظيم الوقت، سواء تحديد ساعات العمل، أو تنظيم مهامك بنفسك وتحديد الأولويات - خاصة إذا كُنت تعمل عمل حر - أو غيره من الأمور التنظيمية التي تتطلب القيام بها حتى تستطيع الإمساك بزمام عملك.

يُمكنك استخدام بعض التقنيات التي تُساعدك على الالتزام وتنظيم الوقت أثناء العمل، من ضِمن أهم تلك التقنيات:

  •  الـ Pomodoro والتي تقوم على فكرة الموازنة بين العمل والراحة، العمل لمدة 25 دقيقة ثم أخذ استراحة لمدة 5 دقائق، تُساعد هذه التقنية على التركيز بشكل أفضل.
  • استخدام قوائم المهام، سواء الورقية أو الإلكترونية، والتي تُساهم في ترتيب الأفكار بشكل أفضل والبُعد عن الارتباك والتشوش. 
 

8- اعمل خارج المنزل كل فترة 

قد يؤدي العمل من المنزل وعدم وجود بيئة عمل إلى شعورك بالملل قليلًا، ولذلك عندما ينتابني الملل أُفضّل العمل خارج المنزل، لدي أماكني المُفضلة التي ألجأ إليها، خاصةً وأنها مُناسبة للعمل سواءً لهدوئها النسبي، أو لبيئة المكان المُريحة بالنسبة لي. اصنع قائمتك الخاصة التي يُمكن أن تلجأ إليها عندما تشعر بالرغبة في التغيير.



Comments

Post a Comment

Popular posts from this blog

كيف أبدأ عمل من المنزل ؟

إليك 10 هوايات يُمكنك تعلّمُهم الآن من المنزل! مع اقتراحات لقنوات يوتيوب

افضل 10 مواقع كورسات مجانية عربية وأجنبية بشهادات مُعتمدة